الثلاثاء، 12 مايو 2015

نهاية امرأة شجاعة


نهاية امرأة شجاعة
______________

ما الذي كان يدفع تلك المرأة لتمتطي صهوة الإقدام , وتندفع بشدة للامام , رغم كل الأيدي التي تشدها للخلف , أي عنفوان كان يملكها حين تمضي نحو هدفها كاسرة انهزام داخلها .
في الصباح كانت تنهض لعملها ,ترمي  بهموم الليل أرضاً , وتلبس  أثواب الأنتصار , يوم جديد تبدأ فيه باسمةٌ , وتخطوا نحو إنجاز آخر , وتمضي الى نهاية الدوام , اصرارها على الصمود كان عقدة بنظر البعض , ورد فعل  لفراغها  لدى آخرين , , فبنظر المجتمع من لم تبني ذاتها برفقة رجل , او من أجله _ كزوج او إبن _ فحياتها سراب  ,  وكأنها من اختارت وحدتها .
وفي المساء هي شيء آخر , تنزوي في ركن غرفتها تحبس دمعتها أحيانناً, وأحياننا تطلق لها العنان فتستجلب كل هواجسها وارهاصات عمر فات .
انها  الوحدة المارد الذي انهك جسدها , كلما حل الظلام ,وساوس الليل تأكل هدوء روحها ,كانت تتفقد قفل الباب عده مرات , وتذهب لتحكم غلق مفاتيح الغاز , تخاف من اصوات العابرين بجوار شقتها  , فتحيل  الدقائق لساعات , بألافكار مصابة بأرهاق التمني , تبحث في أقاصي الأرض عن درب تكلله ببعض الأحلام  , لكن بلا جدوى فالزمان مسح خطواتها , فلا رجوع , فكيف تهزم خيبات الاقدار , وكيف تهزم جسد متعب من تراكم الهموم , حالها يشبه حال سيف فارس أكله الصدأ .
وجع الروح أوجع الجسد , ونخر حتى العظم ,  فأيهما هزمها ؟!
كلامها يتوحدان بذات الألم , فوضى المشاعر تتركها لتصارع أشباح  الظلام ليلاً وفي الصباح تخوضها مع الذات .
الى ان أرقدتها الأوجاع على أحد الأسرة غريبة وحيدة بمستشفى بعيدة كل البعد عن منح الحياة , وقد أوشكت  على النهاية .
تنتهي الحياة _ كما يجب أن تنتهي _ .. بالموت 
لكن ليست كل نهاية آخر الطريق , فبعض النهايات بدايات جديدة , وليس كل ألم يوجع الروح يوجع الجسد.
قد يكون الوجع حاملاً للروح لأفاق جديدة .. بالموت كل ذلك .
بالموت يدفع النزاع الروح لترفرف في فضاء الامكان , وكأنها ترتفع على وسائد من ريش النعام , وعندما يحاول الأطباء إستعادة المريض فثمة ضربات على الصدر وعلى الجسد تنهكه لتعود الروح .
الموت ينهي الأوجاع , حيث أن استمرار الحياة يشبه احياننا استمرار الأحتضار .
لكن كل من مر بجانب سريرها كانت تدمع عيناه حين يرى حركة أصابعها بالتسبيح في حين أن جسدها بالكامل لا يستجيب لبوادر الحياة .

الكاتبة : اسراء عبوشي

0 التعليقات:

إرسال تعليق